احتفالات النظام في الأردن باستقلال موهوم!
بسم الله الرحمن الرحيم
احتفالات النظام في الأردن باستقلال موهوم!
يحتفل النظام في الأردن بالمناسبة الـ 79 لاستقلاله كما في السنوات الماضية، فيعطل مؤسسات الدولة ويستنفر دوائره وأجهزته ويحشد إعلامه لأجل هذه المناسبة السنوية، فهل هو مستقل حقاً أم أنه يصنع لنفسه هالة موهومة علّه يبقى؟!
ابتداءً استقلال: (اسم)، مصدر استقلَّ، والاسْتِقْلالُ بِالرَّأْيِ: الاِسْتِبْدادُ بِهِ وَعَدَمُ مُشارَكَةِ النَّاسِ الآخَرِينَ فِيه، وسياسةً: التحرُّر من أيّة سُلطة خارجيَّة، أي استكمال الدولة سيادتها وانفرادها بتدبير شؤونها الداخلية والخارجية بنفسها لا تخضع في ذلك لوصاية أو رقابة دولة أخرى عليها.
لقد تم إعلان استقلال الأردن في 25 من شهر أيار سنة 1946 حيث اتخذ المجلس التشريعي في الأردن بالإجماع قرارَ الاستقلال وكان الأردن تحت الانتداب البريطاني منذ نشأته عام 1921م وكان يدار من خلال رجال بريطانيا بشكل مباشر. وقبل الاستقلال، كانت معاهدة لندن التي وقعت بين بريطانيا وشرق الأردن في 22 مارس 1946 ودخلت حيز التنفيذ في 17 يونيو 1946. وتتعلق المعاهدة بسيادة واستقلال ما يسمى المملكة العربية الأردنية في شرق الأردن التي ستصبح مملكة شرق الأردن الهاشمية وتنصيب عبد الله الأول ملكاً عليها. وتنص المعاهدة على سيطرة الإنجليز على المناصب العليا في الجيش، واحتفاظ بريطانيا بقواعدها العسكرية داخل البلاد، والاستمرار في دعم ومساندة الفيلق العربي. وبقي النظام في الأردن تحت رعاية ووصاية صانعته بريطانيا، ولكن عندما ظهر التململ بين أفراد الجيش وبدأت الأصوات تتعالى ضد السيطرة المباشرة للإنجليز من خلال قائد الجيش -غلوب باشا- قام حينها الملك حسين سنة 1956 بتعريب قيادة الجيش. لكن هل انتهى الوجود الإنجليزي في البلاد؟! كلا، بدليل أن قواعدهم العسكرية لازالت قائمة في البلاد، بل وبقي لهم تواجد في جميع مفاصل المراكز السيادية والحساسة في البلاد، ومثال ذلك في عام 2019 تم انهاء عقد العميد أليكس ماكنتوش من الجيش!!
لكن هل اقتصر الأمر على الإنجليز وحدهم؟ ففي عام 2021 وقع النظام في الأردن مع أمريكا -اتفاقية دفاع- بالإضافة للاتفاقيات السابقة في تاريخ الأردن أتاحت للقوات الأمريكية التحرك في البلاد دون قيد أو شرط ودون محاسبة من النظام أو أدواته مقابل حمايته، عدا عن القواعد العسكرية الألمانية والفرنسية في البلاد.
ومن ناحية أخرى ما يُفرض على الناس في الأردن من خلال القوانين والتشريعات التي ترهن البلاد والعباد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بالتبعية للغرب الكافر وسلخهم عن عقيدتهم ونظام الإسلام الذي يدين به أهل البلاد. فتم رهن البلاد اقتصاديا باتفاقيات اقتصادية مع بنك وصندوق النقد الدوليين -أدوات أمريكا في الاستعمار- أدت لزيادة المديونية ورهنت اقتصاد البلاد لهم حتى أصبح البنك الدولي يتدخل في مفاصل الدولة تحت ما يسمى مراجعات البنك الدولي بشكل دوري للتأكد من التزام الأردن بقراراته حتى بلغت المديونية إلى 35.08 مليار دينار (49.4 مليار دولار) مع نهاية الربع الأول لعام 2025.
فأين الاستقلال والاعتماد على الذات والشعارات الرنانة التي لم يتحقق منها شيء سوى مزيد من الارتهان للغرب وجعل البلاد مستباحة لكل قوى الكفر والطغيان؟ أين الاستقلال وسفارات الغرب أوكار للتجسس وصنع العملاء؟ بل إن السفراء يصولون ويجولون في طول البلاد وعرضها على مرأى ومسمع من النظام وأزلامه ولا يستطيعون أن ينبسوا ببنت شفه تجاههم، فلقد صرحت السفارة البريطانية بـ استضافة 45 نائباً منتخباً في حديقة منزل السفير البريطاني عقب الانتخابات البرلمانية مباشرة، وكذلك بالنسبة لسفراء أمريكا الذين لم يتركوا مكانا في الأردن إلا وزاروه وقاموا بوضع بصمات لهم فيه وغيرهما من السفراء الأوروبيين.
أين الاستقلال ومن شدة خنوع النظام في عمالته للغرب لم يستطع أن يرفض أو يقول “لا” لما قاله ترامب مباشرة في البيت الأبيض؟! ومن قبل لم يستطيع أن يحاسب كيان يهود على قتله أبناء الأردن سواءً القاضي زعيتر أَم محمد الجواودة الذي قتل برصاص ضابط أمن يعمل في سفارة الكيان، حيث قام بحماية القاتل وتسهيل خروجه من البلاد وتسليمه للاحتلال الذي احتفل به! بل إنه لم يستطع أن يدخل شربة ماء لأهل غزة المحاصرة إلا في حدود ما يسمح به الاحتلال له، بل لم يستطع الاستجابة لمطالب الأمة بإلغاء اتفاقية العار اتفاقية وادي عربة بل هو متشبث بها كما صرّح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أثناء العدوان على غزة 2024، بأن بلاده لا تعتقد أن إلغاء اتفاقية السلام مع كيان يهود الموقعة عام 1994 “يخدم فلسطين والأردن” وكما قال مؤخرا نائب رئيس الوزراء الأسبق جواد العناني ورئيس سابق للديوان الملكي والذي تقلد عدة مناصب وزارية في الأردن في لقاء مع قناة كان العبرية “أن المملكة لن تقدم على إلغاء اتفاقية السلام إلا إذا حاولت كيان يهود أن تدفع بأهل الضفة الغربية إلى الأردن وهو لا يريد ذلك”.
هذا واقع النظام في الأردن فأين الاستقلال؟!!!
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية الأردن
باسم عبد الرحمن